Page 10 - معجم البلدان والقبائل | المجلد الخامس
P. 10

‫ِش َبام حضرموت ‪Shibam‬‬                             ‫ِش َبام حضرموت ‪Shibam‬‬

‫الطوب التي بها الحصون وبروج المراقبة‪ ،‬نرى‬         ‫الأثرياء أو رجال المدينة‪ .‬وكثير من هذه المنازل‬    ‫ش‬
‫المنازل العالية التي يمتلكها الأثرياء‪ ،‬وقد طليت‬   ‫يناهز القصر من حيث الارتفاع والحجم وبضعة‬
‫أعاليها فحسب باللون الأبيض مما يجعلها تبدو‬        ‫منازل منها مطلية باللون الأبيض وتزينها القباب‬
‫للناظر وكأنها كعكة مستديرة ضخمة وقد كساها‬         ‫والأبراج‪ .‬وجدير بالملاحظة أن كثير ًا من هذه‬
‫السكر‪ .‬وخارج تلك الأسوار توجد عدة صناعات‬          ‫المنازل تتصل فيما بينها بممرات تحت الأرض‪.‬‬
‫أو حرف أهمها صناعة صبغة النيلة‪ ،‬حيث تجفف‬          ‫وأغلب الشوارع شديدة الضيق ذات قنوات تجري‬
‫الزهور الصغيرة في الشمس‪ ،‬وتسحق‪ ،‬ثم توضع‬           ‫المياه القـذرة في بعضـها‪ .‬وعلى نقيـض الحي‬
‫في جرار ضخمة وتملأ بعد ذلك بالماء‪ ،‬وفي‬            ‫الذي يسكنه علية القوم‪ ،‬فإن بعض أحياء المدينة‬
‫الصباح التالي تقلب بعصا طويلة‪ ،‬لينتج عن ذلك‬       ‫قد تحـولت جميعها إلى خـرائب‪ .‬ويقول هـرش‬
‫مزيج مزبد أزرق قاتم‪ ،‬ويترك ذلك المزيج ليستقر‪،‬‬     ‫‪ Hirsch‬إن كل ما في المكان ينطق بالخراب‪،‬‬
‫ثم تؤخذ النيلة من القاع‪ ،‬وتنشر على أقمشة حتى‬      ‫فالبيوت آيلة للسقوط ناهيك عن تلك التجمعات‬
‫تجف‪ ،‬ثم تخلط المادة الناتجة عن ذلك بالتمر‬
‫والملح الصخري‪ ،‬فإذا أضفنا أربعة أرطال من‬                      ‫الوضيعة من الأكواخ وأكوام الركام‪.‬‬
‫هذه النيلة إلى جالون من الماء نتج من ذلك صبغة‬
‫الملابس اللازمة وشائعـة الاسـتعمال‪ .‬ويسـوى‬        ‫وحسب الكتاب العرب الأوائل‪ ،‬فإن السكان‬
‫النوع الأجود منها بقـرعه بطـارقة خشبية على‬        ‫الحميريين في هذه المنطقة قد جاؤوها بعد أن‬
‫الحجر‪ ،‬كما أنهم يطرقون الأوراق الجافة لنوع من‬     ‫هجروا شبوة في أوائل الحقبة المسيحية‪ .‬وقد وجد‬
‫أنواع الطلح يسمى خ َّراد ًا‪ ،‬ثم يسحقونها ليصنعوا‬  ‫بنتز ‪ ،The Bents‬مع ذلك‪ ،‬عند زيارتهما لشبوة‬
‫منها عجينة ذات مظهر جميل بخضـرة البازلاء‬          ‫في عام ‪1895‬م آثار قوم سكنوا هذه البقعة في‬
                                                  ‫زمن أبعد من تلك الحقبة‪ ،‬كما أثبتا وجود هؤلاء‬
                    ‫تستخدم في صقل الجلود‪.‬‬         ‫السكان خلال القرن الثالث قبل الميلاد‪ .‬وحتى لو‬
                                                  ‫لم تكن شبام هي موقع العاصمة الأصلية‪ ،‬فلاب ّد‬
‫ومن الحـرف الأخـرى خـارج شـبام صناعة‬              ‫أنها كانت مكان ًا ذا أهمية كبيرة قبل تلك الحقبة‬
‫الحبال من سعف النخيل الذي ينمو بصورة طبيعية‬       ‫بقرون بوصفها مركز ًا لتجارة البخور؛ إذ ربما كانت‬
‫في الوديان الضيقة‪ ،‬فتترك الأوراق في البـداية‬      ‫تلك البقعة هي بداية طريق القوافل التي كانت تنقل‬
‫لتنقع في الماء‪ ،‬ثم تقرع لتنفصل عنها الألياف‪،‬‬      ‫التوابل غرب ًا من خلال طريق البخور العظيم عبر‬
‫ومن الحرف الأخرى كذلك صناعة الجير لطلاء‬           ‫شبه الجزيرة العربية‪ .‬وتستغرق رحلة القوافل ‪25‬‬
‫الأفران باللون الأبيض‪ ،‬بالإضافة إلى حرفتي‬         ‫يوم ًا إلى سيحوت وخمسة أيام إلى المكلا‪ ،‬كما أن‬

                 ‫صناعة الطوب وعصر الزيت‪.‬‬                               ‫القوافل تقصد أيض ًا نجد ًا‪.‬‬

‫وقلعة القعيطي في شبام أكبر من القلعة‬              ‫فإذا اقتربنا من مدينة شبام طالعنا منظرها الذي‬
‫الموجودة في القطن التي تكبرها أيض ًا قلعة حورة‪.‬‬   ‫يلفت الأنظار‪ ،‬فمن فوق أسوارها المتبقية من‬

                                                  ‫‪10‬‬
   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14   15